استذكار “حتى الفراشات تبكي”.. رواية أوجاع السوريين بعيون التركي جلال دمير

15.06.2022
1.311
استذكار “حتى الفراشات تبكي”.. رواية أوجاع السوريين بعيون التركي جلال دمير

“حتى الفراشات تبكي” رواية تركية، لعلّها الأولى التي سلّطت الضوء على ما كابده الشعب السوري من آلام ومآسٍ خلال سنوات الثورة السورية. وإن لم تكن الأولى فهي بلا شك الأكثر ملامسة لأوجاع السوريين كونها بقلم كاتبٍ كان يعمل خلال كتابتها مديراً لأول مخيّم شيّد للاجئين في جنوبي تركيا.

كاتب الرواية، جلال دِمير، تركيّ يتقن اللغة العربية كما يودّ أهلها أن يسمعوها. يتحدث عن روايته لـ موقع تلفزيون سوريا فيقول إنها “سطرٌ صغير من ملايين السطور التي عبّرت عن عقودٍ من الخوف والقمع عاشها السوريون في ظل نظام لم يشهد العالم مثيلاً له”.

ويستمر دمير في وصف تفاصيل موجعة لم تخل صفحة من صفحات روايته الـ160 من سردها، ويعترف -وهو كاتب الرواية- أن كثيراً من مشاهدها يعجز عن ابتكار وصف مناسب لها، أو ربما يرتجف اللسان وجلاً حين ينطق بها.

ميادين الرواية ووقائعها

يعبّر الكاتب عن كل ما أصاب ويصيب السوريين من ظلم وجور وقسوة وشتات، من خلال حكاية “وردة”، التي عاشت طفولتها باليتم، وحين كبرت فقدت زوجها الذي غيّبَته معتقلات الأسد الأب وهي في ريعان شبابها. وبعد أن ترمّلت استكملت حياتها لتصبح أختاً لشهداء، وأماً لشهيدها الوحيد ولبناتها اللاتي ترملن أيضاً بعد أن فقدن أزواجهن على يد عصابة الأسد الابن!

إنها حكاية وردة ابنة مدينة مارع بريف حلب الشمالي؛ وردة اليتيمة، والأرملة، وأم الأيتام، وأم الشهيد، وأخت الشهداء، وجدة الأيتام ومربيتهم، والنازحة، واللاجئة، والمهاجرة. إنها باختصار: الفاجعة السورية في كل تفاصيلها الزمانية والمكانية.

يجمع دمير قصص وردة منذ نعومة أظفارها في بلدتها الوادعة، مارع، مروراً بزواجها من خالد، الشاب الحموي الذي قضى في زنازين سجن تدمر سيئ الصيت، وصولاً إلى لجوئها وإقامتها داخل مخيم “نيزب” في الجنوب التركي.. المخيم الذي تولى إدارته الكاتب نفسه. ليكمل بعدئذ سيرة تلك السيدة الاستثنائية.

مقتطفات من الرواية

يستهل الكاتب روايته بإهداء جاء فيه: “أهدي هذا العمل إلى جميع الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل دينهم ووطنهم. أهديه إلى الإخوة اللاجئين؛ الذين أجبروا على ترك بلادهم”.

ويتابع قائلاً في مقدمةٍ وضعها لروايته: “لم تشهد الإنسانية في تاريخها القديم بربريةً كهذه التي تحدث اليوم.. اسوَدّت القلوب وسط صمت وعمى واضح عما يحدث في البلد المجاور لنا، سوريا. سوريا التي عانت الظلم في ظل حكم الأب حافظ الأسد وتعاني الويلات في زمن الابن بشار”.

  • عن سجن تدمر:

“تفوح رائحة الموت منه، يبعد عن العاصمة دمشق قرابة مئتي كيلومتر. سجن تدمر الذي اشتهر أكثر من تدمر العريقة نفسها. يقبع فيه سجناء سوريون ولبنانيون وفلسطينيون وأردنيون كُثر، إنه واحٌد من السجون العشرة الأبشع في العالم، قتل فيه المئات والآلاف من السجناء أثناء التعذيب. “مملكة الموت”، إنه الاسم الذي أطلقه عليه الشاعر السوري فرج بيرقدار”.

  • عن المخيّم:

“الشمس قد أطلت لتوها بنورها الجميل، وأشعتها الحمراء في وقت الشفق، قد غطت المخيم ليبدو وكأنه عروس ترتدي بدلة حمراء تضيئ بها الكون. كانت خيوط أشعة الشمس المنبعثة حديثا تنشر الأمل في الناس، وخيوط الفجر الأولى عندما تظهر على سطح مياه نهر الفرات، كانت توحي وكأنها لوحة فنّان رُسمت بألوان زيتية. كانت مياه النهر تتدفق بسرعة تسبح معها الأعشاب التي نمت على حواف النهر.

جلال دمير

كاتب وسياسي تركي ولد في ولاية ماردين/ قضاء مديات، جنوب شرقي تركيا، في عام 1977. تلقى العلوم الشرعية وعلم النحو والصرف والبلاغة والبيان والأدب في اللغة العربية علي يد علماء كبار.

بدأ حياته العملية موظفاً حكومياً عام 2007، وشغل منصب مدير مخيم نيزيب للاجئين السوريين منذ إنشائه في بدايات الثورة السورية حتى إغلاقه عام 2018.

له كتابات في العديد من المجلات والصحف الرسمية وكان رئيس تحرير مجلة “سرنجما” الأدبية في اللغة التركية، وله عدة مؤلفات في اللغة التركية، منها: “المعلومات الدينية التطبيقية للأطفال”، “كتابات من الشارع”، “المرآة المكسورة”.

يتقن دمير اللغة العربية والكردية والعثمانية والفارسية والتركية، وترجم العديد من المقالات والكتابات من اللغة العربية والعثمانية والكردية إلى اللغة التركية.

ويعد جلال دمير من الشخصيات التركية المقرّبة من اللاجئين السوريين في عموم الولايات التركية، لوقفاته الإنسانية والأخلاقية إلى جانبهم في مواجهة بعض الأطراف المعادية لهم والتي تنشط في نشر خطاب الكراهية والعنصرية ضدهم، إضافة إلى مساعدتهم في الشؤون العامة لدى المؤسسات الحكومية التركية.

 

Etiketler:

Yorumlar

Henüz yorum yapılmamış.