Aram Medya
بمخيمات اللجوء السورية
“جلال ديمير”.. مهمة لـ 3 أيام استمرت 8 سنوات!
تلك المهمة، أصبحت عهداً قطعه إنسان، ليس لذاته، وإنما للإنسانية التي ينتمي لها، حيث بدأت الحكاية، حين تسلم مهتمه كموظفٍ في دائرة الهجرة التركية مهمة عمل لثلاثة أيام، داخل مخيم للاجئين السوريين عام 2012. جلال ديمير، موظف حكومي تركي، عمل مديراً لمخيم “نزيب” للاجئين السوريين بمدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، إلا أن وظيفته لم تقتصر على الرسمية في التعامل، فجعل من نفسه جسراً لنقل معاناة أولئك المُهجرين لكل من يجهلها.
تركي في المخيم مع اللاجئين السوريين
جلال دمير” مواطن تركي أحب السوريين وتعلم العربية بعد بقائه في مخيم للاجئين بمهمة عمل امتدت لثلاثة أيام، ليستمر فيه ثماني سنوات بعد أن أخذ عهداً على نفسه بأن يكون صلة الوصل بين السوريين والأتراك
قصص وروايات
عايش مُدير المخيم قصصاً وسمع روايات من ساكنيه، جعلته يتخذ منهم أهلاً وأصدقاء، يزُورهم ويشاركهم الأحزان والأفراح، بل كان يُعطيهم سيارة مُزينة في حفلات الزفات، حتى أصبح المخيم مرغوباً للمُهجرين السوريين ، وفق قوله لمراسل “آرام”.
وأضاف “ليس سهلاً أن تتعامل مع أشخاص فقدوا أولادهم، أو أمهاتهم، أو وطنهم، أو مالهم، وشيء عزيز عليهم مهما كان، حياتك تصبح مليئة بالمواقف المُؤثرة، التي تدفعك للعمل جاهداً لخدمتهم
وعن ذلك المخيم الذي يُديره، أشار إلى أنه من أوائل المخيمات التي أقامتها تركيا للسوريين، بنته الحكومة التركية بشكل مؤقت وحتى خدماته وتجهيزاته لم تكن أعدت لهذه الفترة الطويلة من الزمن ، مضيفاً “أنا من افتتحت المُخيم وأنا من أغلقته دون أي مشاكل بعد قرار دائرة الهجرة”.
ومن بين الأمور التي سعى ديمير إلى تحقيقها، إيصال صورة أولئك اللاجئين الحقيقية لغيرهم من الناس، خاصة الأتراك في بلاده كونه تركياً، فكان يخرج لزيارة مخيمات أخرى ويدون قصصهم لنقل معاناتهم وتعرضهم للظلم من قبل النظام السوري
أفكار خاطئة
وتابع لمراسل لـ”آرام”، “هناك بعض الأفكار الخاطئة عن السوريين لدى شريحة من الأتراك، فباعتقادهم أن السوريين تخلوا عن وطنهم منذ بداية الحرب، لكن الحقيقة نقلتها في حكاياتي عن تعرضهم لأقسى أنواع التشريد والتعذيب “
تلك الحكايات لم تبقى حبيسة قلبه، فقرر أن يدونها بين جلدتي كتاب بعنوان “حتى الفراشات تبكي”، لتكون مرجعاً أبدياً لكل من أراد مطالعة حقيقة ما تعرض له أولئك الناس على مر سنوات وخاصة الأطفال الذين يجب أن يعرفوا ما حصل مع آبائهم وأجدادهم .
في الكتاب قصة إمرأة تربي عشرين يتيماً، كانت إحدى نزلاء ذلك المخيم، شاهد جلال في وجهها حلقات القهر والألم، وسمع من فمها آهات البُعد عن الأحباب وتحمُل الأوجاع، فزوجُها اعتقل في الثمانينيات ، ثم قُتل في سجن تدمر، وترك لها خمسة من الأولاد، عانت من عانته من أجل تربيتهم حتى زوجتهم
ولكن الفرح لم يدم طويلاً بجانب تلك المرأة، فالحرب خطفت أزواج بناتها وزوجات أبنائها، ليعودوا لها مع أطفالهم و تتولى مهمة تربيتهم، وكأن الحياة عادت بها للخلف!
وعن اللغة العربية قال “ديمير” في بداية العمل بالمخيم كانت لغتي ضعيفة جداً حاولت أن أطورها وفي نفس الوقت كان لي هدفاً أن أعلم الأخوة السوريين اللغة التركية وعملت على ذلك بفتح دورات لتعليم اللغة التركية في المخيم
لم يتعلموا
ثم تابع حديثه مبتسماً ” حاولت معهم أن يتعلموا لغتي ولم يتعلموا فتعلمت “
وختم لقائه مع “آرام” بتوجيه رسالة للسوريين، “أنتم منا ونحن منكم، ولكم الحق بالعيش في تركيا كما يحق لي ذلك، لأن أجدادكم كانوا إلى جانب أجدادنا في الدفاع عن هذا البلد بدمائهم، حتى تحقق الانتصار والاستقلال”.
واستدرك “من هم ضد تواجدكم في تركيا، هم الذي لم يُقدم أجدادهم شيء لتحقيق الاستقلال، وهم الذي جاؤوا لبلدنا من دول أخرى، وهذا الوطن ليس وطننا لوحدنا هو وطن يتسع لنا ولكم “
وشدد على أنه لطالما حلم بأن يرجع السوريون لوطنهم أو تُوفر لهم بيئة تتمتع بالاستقرار، على عكس المخيم الذي يبقى مكاناً محدوداً يؤثر على بناء الإنسان وتنميته، فلا يستطيع تطوير نفسه وخدمة من حوله.
Henüz yorum yapılmamış.